الامام جعفر الصادق عليه السلام و وحدة المسلمين

اشارة

المؤلف: مصطفي الرافعي

الناشر : الشيعه نت

طبع في سنة: 1412 ه

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم قبل الكلام عن الامام جعفر الصادق سادس أئمة أهل بيت رسول الله عليه و عليهم أفضل الصلاة و السلام، و ما كانت تزخر به حياته من أمور نواصع و أضواء لوامع، لابد من توضيح نقطة هامة، و هي أن المسلمين - كل المسلمين - هم أتباع القرآن و أنصار محمد عليه السلام. فالأحناف كالشافعية، و الشافعية كالامامية، و الامامية كالمالكية و الحنبلية. كل أولئك يستقون من المعين العذب، معين القرآن و سنة محمد (ص). و ما ضاع المسلمون و ذهبت ريحهم الا حينما انسابت عامتهم و خاصتهم وراء سراب خداع، اختلقته أهواء سياسية، و أطماع ترابية، منذ العصر الأموي حتي اليوم. [ صفحه 384] و لئن جاز للذين سبقونا في هذه الديار، أن تستنجر بينهم الخلافات، و تقوم فيهم الخصومات، فلا يجوز قط، و نحن في عصر النور، أن نتيح الفرصة للنافثين في اللهب، اللاعبين بمقادير الشعوب، أن يعيدوا تمثيل المأساة، طمعا في مكسب دني ء أو مغنم رخيص، من سيطرة أو سلطان أو رئاسة. لا يجوز قط أن يتفرق الموحدون و ربهم في عليائه يناديهم: (ان هذه أمتكم، أمة واحدة، و أنا ربكم فاعبدون). ان المذاهب الاسلامية، ليست في الحقيقة و الواقع، الا وجهات نظر في زوايا مختلفة. انها اجتهادات مستمدة من نص واحد و ينبوع واحد، في كلمات الله العلي الأعلي، الذي أرادنا ألا نتفرق كي لا تذهب ريحنا، و من أحاديث رسوله الأعظم محمد (ص) الذي أرادنا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، فلا يتهاوي و لا يتصدع. و اذا كان الاستعمار - عبر العصور - قد استغل هذا الخصب التشريعي